على ضفاف بلاد النوبة المصرية
فى عيون الخلق كنتى وستكونى وستظلى
وبين قلوبهم وفى شرايان نيلهم عشتى ومازلتى
سمراء اللون بكحلها البنى عيون واسعة تجملتى
فخطفتى قلبى وها أنت ذهبتي
لا استطعت الحديث معكى ولا عنكى
مصرية نوبية بزىُ خاصُ تألقتى
فأختلفتى فأبهرتى وسكنتى
قلباً عاشقاً لكى يا أميرتى
كلماتى ليست شعراً والله ، ولكنها تعبيراً وتقديراً عن بلاد النوبة المصرية ، اليوم سننطلق فى رحلة الكلمات ليس فقط لنتكلم عن مكان يمكننا زيارته والاستمتاع فيه ،بل وأننى عندما اتخذت قراري فى الكتابة عن النوبة كان بالفعل مقصدى هو أن نجتمع فى رحلة شتوية الى هناك ، ولكن مع البحث عنها، ومع معرفة معلومات أكثر شعرت اننى سأوجه حديث غير عادى لأشخاص غير عاديين عن روح وحياة مختلفة متنوعة ومتلونة وطيبة وناعمة وهادئة ولو ظللت أعدد من صفات لأصف النوبة المصرية لما أكتفيت ، كيف أصف النيل والخضرة والوادى والسمرة والعيون اللامعة والشخصية المتميزة بمجرد كلمات .
بلاد النوبة هى ذاك الفرعون العظيم مينا الذى كان أول من قام بتوحيد القطرين ، هى تلك الأرض التى سكنت على ضفاف جنوب نهر النيل ، هى السكن الذى سكنه أهالى مصر فى جنوبها وعمروها وكتبوا تاريخها ، هى الذهب فنوب تعنى بالفعل الذهب فى اللغة الهيلوغريفية ، وبلاد النوبة أى بلاد الذهب ، وهى سنفونية من اوركسترا عالية اللحن وصل صيتها الى العالم كله ، وهى وهى وهى وهى وهى الأحلى …
والنوبيون هم حديث الليل على ضياء القمر وكرم الضيافة والشاى النوبى و السهر حتى شروق الشمس ،يتحدثون اللغة العربية النوبية ، ويسامرون زوارهم بكل لغات العالم التى تعلموها منهم ، يستظلون بظلال نخيل قراهم ، متحضرون فى عاداتهم ، وفى تمسكهم بثوابتهم ، بينهم رباط وكأنهم واحد فى كلمتهم ، مخلصين ، مضحيين مهما طلب منهم ، ويشهد تاريخهم على ذلك حينما ضحوا بيبوتهم فداءا لكل أهل مصر عندما طلب منهم أن يخلوا منازلهم نساءاً وررجالاً وأطفالاً مرتين عبر التاريخ مرة أثناء بناء خزان أسوان سنة 1902 م، والمرة الأخرى فى وقت بناء السد العالى فى سنة 1960 م، وكأنها كلمات وصفات مورثة تورث بين الأهالى ” نحن فداء شعب مصر ” ، حبهم لأرضهم علاهم وغلاهم ، فكانوا وظلوا أغلى من الذهب ، فالنوبة هى المكان الوحيد فى العالم التى تعشق زيارته من أجل طبيعة أهله وتمسكهم بنوبيتهم .
كنز النوبة فى مصر
لم تكن بلاد النوبة فى مصر بمنطقة عادية أو عبرت عبور عادى بل هى كانت موطناً للسياحة المصرية عبر العصور ، فمن بعيد وعند الحديث عن دولة مصر يمكن للزائر أن يقول مصر الحضارات ، مصر النيل ، مصر الفراعنة ، مصر السواحل ، وكل ذلك يعنى مصر النوبة ،منبع الحضارة المصرية ، ولقد بحثت عن حدود للنوبة المصرية حتى أحدد لقرائى أين يذهبون ليشعرون بروح النوبة المصرية فاحترت حقيقة ووجدت كل شئ بمصر أستمد جماله من تلك الرقعة العظيمة وتلون بلونها و شرب منها فاندمجت مع أخواتها المصريات من المدن ، ولكنى أصررت أن نصل سوياً الى المنبع ووجدت أن النوبة المصرية فى حدودها المكانية والتى تقع فى جنوب مصر تحديداً فى جنوب الشلال الأول وتبدأ من مدينة أسوان من الشمال وتحديداً بالقرب من جبال السلسلة شمال أسوان الذى يبتعد عنها بخمسمائة كيلو متراً و حتى تنتهى فى جنوب البلاد فى مدينة الدبة ، وقديماً كانت تمتد بلاد النوبة المصرية حتى مدينة الخرطوم ، ولكن بعد تحديد الحدود المصرية والحدود السودانية أنتهت النوبة المصرية عند هذا الحد ، قسمت بلاد النوبة المصرية الى ثلاث مناطق وهى منطقة الكنوز ، ومنطقة العرب ، منطقة أسوان وبالطبع هذه تعد تقسيمات ادارية بينما الواقع أن الحياة النوبية حياة أنخراطية تلاحمية يسودها روح المودة والأحترام والتقدير للعادات .
و فى رحلتك للنوبة قد تحتاج ملابس من نوع مختلف فلا تشتري المزيد من ملابسك التى تعتاد عليها ، لأنك ستغار من جمال الملابس النوبية المميزة وستود أن تشاركهم تجربة ارتداء زى نوبى مريح وجديد ، ولا يسعك الوقت تفكيراً ما الذى ستأكله هناك لأن الطعام الطازج سيشغل قلبك وعينك قبل أن يرضى معدتك ، أما السهرات والحفلات والرقصات فلا تقلق فستقلك أحدى المراكب الشراعية بين مياه نهر النيل الفضية لتستمع بأجمل وأرق النغمات النوبية المميزة ، نغمات لها رقصاتها الخاصة ، ولابد أن تعرف ان الرحلة الى بلاد النوبة ، رحلة بأمتعة مختلفة لأشخاص مميزون مثلكم ، فهلم معنا ….
أنتظرونا فى الحديث عن مدينة أسوان جوهرة بلاد النوبة