جسر تشابل فى لوزيرن السويسرية
جسر تشابل فى لوزيرن السويسرية
حكايتي مع الجسر
في بداية الأمر كنت أظنه جسراً عادياً ، مجرد جسراً فوق النهر تعبر قدمي فوقه ببساطة ، فقط لأواجه المياه العميقة في نهر رويس بشكل طبيعي جداً ، ولكن وجدت شيئاً غريباً يحدث لي ، وجدت شعوراً غريباً يخترقني ، وكأن صوتاً ما يناديني ، يحاول لفت انتباهي ، يتحاكى معي ولكنه لا يعرف أسمي ، لا ينادي بأسمي ، ولكنه يصدر صوتاً ما يحدثني ، فتابعت الصمت وتسللت حتى أجد ذلك الصوت ، حتى أقدمت أمامي تحدثني وجهاً لوجه ، وجهي لايرى غير الدهشة ، عليه كل علامات التعجب ، كيف تتكلمين معي وهل تفهمين لغتي وهل أنت تحكي معي ، وشعرت فجأة أني أحاكي نفسي ، فهى جميلة ولونها أبيض وقد تبدو رشيقة وعيناها السوداء مبهرة ، وسمعت صوتها مرة أخرى وهى تقول ” لهذا الجسر حكاية كبرى سأحكيها لك ، قصة تاريخية مختلطة بالأحاديث العاطفية الرقيقة ، لقد قصتها على أمي فعائلتنا تسكن النهر بجوار الجسر منذ آلاف السنوات ، بصراحة عندما تأكدت أن هذا الصوت خارج من تلك البطة البيضاء زادني الأمر فضولاً لأن أسمع ما ستقوله لي ، ومنها نظرت اليها فقالت لي اذا أردت أن تستمع إلى قابلني عند أعلى البرج.
وحقيقة جريت لكي أقابلها وأثناء الجري أستمعت لأصوات قدمي تتدق على الجسر الخشبي وتزداد معها دقات قلبي اشتياقاً لتستمع ما تنوي أن تقوله هذه البطة الجميلة لي ، وعندما وصلت لأعلى البرج وجدتها تنظر محلقة للجسر وتأخذ نفساً عميقاً ثم تخرجه مع ابتسامة وسألتني أتعرف أن هذا الجسر يتنفس ؟ ، أجابتها وكلي ذهول كيف ؟، قالت يتنفس كلما يرى الزوار تدق قدمهم عليه كما دقت قدمك حتى أتيت إلى البرج ، هذا الجسر الذى بني في القرن الرابع عشر ينتظرك وينتظركم جميعاً دائما لتتفهموا كم تحمل ليظل صامداً وسط مياه نهر رويس القوية هذه في مدينة لوسيرن التى تتوسط سويسرا ، وسألتها بفضول ما قصة عائلتك مع جسر تشابل ؟.
قالت لي ” أن الحكاية بدأت منذ القرن السابع عشر عندما قدمت عائلتي بحثاً عن الهدوء هنا أسف الجسر ، فستأنثت بالجو هنا وسكنت المنطقة في أثناء الهدوء وفي أثناء اللاهدوء سكناه وعشقناه كما ترى أخواني يتلاعبون معه ومن حولهم المياة ، نحبه ونعشق تلك الزهور الملونة المعلقة عليه ونستمتع بأننا نصحى كل صباح على منظره ، ونظرت وفتحت عينها بشدة ، وقالت لي أتعرف شيئاً ما ، نحن نسكن قلب جميلة الجميلات سويسرا ، ومشت سريعاً إلى مقدمة البرج حتى أنني ظننت أنها سترمي بنفسها ، ولكنها أستدارت ثم قالت أنه أقدم جسر خشبي مغطى في أوروبا كلها ، وشاركتها الحديث وأندمجنا وقلت لها أعرف ذلك بل وأنه يعد رمزاً جلياً لمدينة لوسيرن بأكملها حتى أنني شعرت أنها أصبحت قريبة جداً مني كأنني تحولت أو هى التى تحولت ، وعدنا نتمشي سوياً فوق الجسر.
وسألتها ولكن يا صديقتي ، ماهذه اللوحات وعن ماذا تعبر ؟ ، ردت علي قائلة لي ” هذا هو السبب في أنني تحدثت معك أنت بشخصك وليس غيرك ، لأنني وجدتك نتأمل تلك اللوحات فشعرت أن اجابة هذا السؤال هو الغاية لك ، هذه اللوحات هى لوسيرن تاريخها ونشأتها ونبضها حياتها احساسها ، سألتها وأنا متعجب “ولكني قرأت أن هذه اللوحات دمرت بعد اطلاق النيران عليها عام 1993 م ، فتغير لونها وباتت تكلمني وكأننا أعداءاً ولسنا أصدقاء وقالت ونبرات صوتها تعلو ماذا تقول ؟ لايمكن لأحد أبداً أن يدمر ما نحلم به وما تمكنا من توصيله للعالم على مدر السنوات الماضية هذه اللوحات هنا منذ أن وصلنا منذ القرن السابع عشر ، ومنها حاولت تهدئتها ، فصمتت ، وهدأت وقرت بالحقيقة ، قالت لي ” حدث ذلك بالفعل دمرت ودمر أجزاء مع جسرنا ومات أخواتنا ولكن أعيد جسرنا ومعه العديد من اللوحات التى تمكنا من الحفاظ عليها وحمايتها ، ويظل من غادر من عائلتنا شهيداً في حب جسر تشابل.
وتنفست الصعداء مع هدوءها وحاولت مواساتها ، قالت لي لقد طمئتنا الأماكن الدينية المحيطة بنا بعد أن سكنت بجوارنا كنيسة القديس قريب بطرس ، ومدينة لوسيرن كلها تفتخر بوجود جسر تشابل هنا ولهذا طمئنا في أماكنا وجعلنا نتجمل كما تشاهدنا وسط النهر ، ورديت عليها قائلاً حقيقة أنتم بجسركم ووروده وبنهركم ومياهه من أجمل ما شاهدت عيني.